استيقظت صباح الجمعة باكرا كعادتي، حضرت القهوة وجلست في الغرفة المطلة على الحديقة، وفتحت أبوابها لينعشني نسيم هذا الصباح الخريفي الهادئ. تناولت هاتفي بحماس لتدارك ما فاتني خلال أسبوع العمل الماضي، الانتخابات النيابية على الأبواب وتُعمل هذه السنة بطريقة مختلفة حسب قانون انتخاب جديد جرى إقراره خلال فترة قصيرة وجاء مفاجأة للجميع.
الجميع يصلون الليل بالنهار لمواكبة هذا التطور، لقد تم صياغة هذا القانون بطريقة عبقرية بحيث أدرك جميع المرشحين أنهم لن يصلوا للقبة بكبر عشائرهم أو بكثرة أموالهم أو بدعم جهات متنفذة لهم، الناخب سيعطي أصواته لمن يقنعه ببرنامج واقعي للنهضة بالبلد ولحل مشاكله المتزايدة، سيعطي أصواته لمن سيقوم بدور رقابي وتشريعي كفؤ ويستطيع تشكيل حكومة عصرية راشدة نزيهة منبثقة عن غالبية نيابية.
هذا القانون أطلق عاصفة من النشاط والعمل، أحزاب قديمة دبت بها الحياة وأحزاب جديدة أُنشأت على عجل ومجموعات وكتل تتجمع وتتشكل وتتغير كل يوم، المواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي تضج بالآراء والبرامج والبوسترات والفيديوهات وكذلك بالتعليقات والنقاشات الحامية عليها. مستويات الجرأة والإبداع والفكاهة عالية ومبهرة، أنا أعتز أنني مواطن أردني في بلد فيه مثل هذا النشاط السياسي والثقافي والإبداعي وروح العمل الجماعي وتحمل المسؤولية.
خلال الأسبوع الماضي كنت قد عزمت على التمحيص في برامج وشخصيات ثلاثة أحزاب توسمت بها الخير، أحتاج أن أختار أحدها لأعطيه أصواتي. العملية سهلة ولكن تحتاج بعض الوقت، فلهذه الأحزاب مواقع إلكترونية عليها البرامج والسير الذاتية للقادة والمرشحين. بعد ساعات من القراءة والمقارنة والتفكير، أصبحت الرؤية واضحة: سأنتخب مرشحي حزب “التجديد”. أنا الآن مرتاح وأشعر بالسعادة وأنتظر بلهفة يوم الاقتراع لأعطيهم أصواتي وأتمنى أن يفوزا ويحققوا أكثرية ويشكلوا الحكومة القادمة. برنامج حزب التجديد واضح وواقعي له أبعاد محلية وإقليمية وعالمية، يعتمد على إجراءات عملية ويهتم بالنواحي المعنوية والإنسانية، يضع العدالة والنزاهة وتكافؤ الفرص في مرتبة عالية، ويعتمد على دمج وخدمة كافة أطياف وألوان المواطنين. وأعضاء حزب التجديد من خلفيات وأعمار ومنابت متنوعة، ولا يوجد شك في وطنيتهم ونزاهتهم وقدراتهم.
يا الله كم أنا سعيد ومتفائل وأشعر بطاقة لم أشعر بها من سنين!
ما هذا الصوت؟ إنه صوت منبه التلفون لصباح الأحد، حان الوقت للنهوض من السرير وبدء أسبوع جديد.
لقد كنت أحلم وكان حلما مجنونا رائعا.