تفاجأت عندما صدر قرار عمل الامتحانات النهائية في الجامعات الأردنية عن بعد. كنت آمل أن أقيس أداء طلبتي بعد شهرين من تجربة التعليم عن بعد مباشرةً لأتمكن من قياس نتيجة هذه التجربة بدقة. ولكن الامتحان عن بعد يحتاج تقنيات محكمة لم أعتد عليها ويصعب ضبط نزاهته.
ومع ذلك صممت أن أعمل أفضل ما أستطيع، مع أن المحددات كثيرة، مثل أن لا تزيد مدة الامتحان عن ساعة، وعدم وجود منصة رسمية معتمدة للامتحانات.
عندي في مادة للسنة الرابعة ٥٣ طالبا، ويوجد تفاوت كبير في اهتمامهم ومتابعتهم للتعليم عن بعد. بعد دراسة البدائل، قررت أن يكون الامتحان النهائي لهم مكون من ١٠ أسئلة اختيار من متعدد، كل سؤال يحتاج تحليل وحسابات حتى يصل الطالب للإجابة الصحيحة في ٥ دقائق تقريبا للسؤال الواحد، واخترت امتحان الاختيار من متعدد للتسهيل على الطالب في إدخال إجاباته.
طبعا عيب الامتحان اختيار من متعدد هو سهولة التغشيش خاصة عند عقد الامتحان عن بعد. لتصعيب الغش حضرت الامتحان على مايكروسوفت فورمز واستعملت ميزة خلط ترتيب الأسئلة وخلط ترتيب الاختيارات بشكل مختلف لكل طالب، وحضرت ثلاثة نماذج فيها نفس الأسئلة للعدالة ولكن بقيم أسئلة مختلفة ليكون لكل نموذج إجابات مختلفة. ثم وضعت هذه النماذج على منصة مايكروسوفت تيمز، وعيّنت لكل نموذج ثُلث عشوائي من طلبة المادة.
عندما حان وقت الامتحان قبل موعد الإفطار بثلاث ساعات فتحت منصة الامتحان لمراقبته، ظهر عندي تتابع دخول الطلبة على نماذج الامتحان وسار الامتحان بسلاسة لمجموعتين، لكن المجموعة الثالثة وفيها ١٧ طالبا كانت مختلفة. ظهر عندي أن بعضهم أنهى الامتحان فور دخوله، ثم أمطرني طلاب هذه المجموعة برسائل على المنصة والفيسبوك والمسنجر يشكون من عدم تمكنهم من دخول الامتحان، حاولت مساعدتهم وتلبية لهفتهم لكن بلا فائدة فالمشكلة سببها عطل في منصة الامتحان لهذه المجموعة.
لتهدئتهم أخبرتهم أنه سوف أعقد لهم امتحان تعويضي، طلبوا أن لا يكون موعده بعد العيد وأن أعمله في أقرب موعد لأنهم دارسون ولا يريدون نسيان المادة. راجعت برنامج الامتحان ووجدت فسحة في اليوم التالي في نفس الوقت. أعلنت لهم عن الامتحان التعويضي وسهرت لكتابة امتحان جديد بنفس المواصفات والصعوبة ولكن بأسئلة جديدة لأنني لا أستطيع استعمال أسئلة الامتحان الأصلي التي انكشفت.
في اليوم التالي دخلت المنصة ذاتها لمراقبة الامتحان، وكلي أمل أن لا يتكرر العطل، انتظرت حتى حان وقت الامتحان، بدأ الطلبة بالدخول، نعم تتابع دخولهم بشكل طبيعي، نعم نجح الامتحان التعويضي، نعم امتحنت ٥٣ طالبا عن بعد وطويت صفحة هذه المادة. منحنى توزيع علامات الطلبة طبيعي، لكن عندي غصة: علامات بعض الطلبة أعلى من مستواهم الذي أعرفه.
كل عام وأنتم بخير