مهارات البرمجة الأساسية والمتقدمة واستعمال بيئات تطوير البرمجيات الحديثة هي من المهارات الأساسية للمهندسين ولأخصائيي تكنولوجيا المعلومات وللنجاح في سوق العمل المعاصر. لكن تشكو الشركات والمؤسسات التي توظف خريجي الجامعات الأردنية في وظائف تتضمن أعمال البرمجة من ضعف المهارات العملية عند كثير من الخريجين، وتعاني الشركات المحلية والعالمية في العثور على من لديهم مهارات البرمجة المطلوبة، حتى أن بعض الشركات تفحص نسبة عشرين متقدم لتوظف واحد فقط
وسبب هذا الضعف هو عدم كفاءة أساليب تدريس مساقات البرمجة وضعف الإمكانيات المتوفرة في معظم الجامعات الأردنية، حيث يلجأ مدرسو هذا المساقات الذين يفتقدون إلى مساعدين ومختبرات كافية إلى تدريس مواد البرمجة نظريًا ولا يقيّمون الطلبة بناءً على قدراتهم العملية بل يقيّمونهم بناءً على معرفتهم النظرية وذلك بوسائل اختبار تقليدية مثل أسئلة الاختيار من إجابات متعددة
لإكساب الطلبة مهارات عملية في البرمجة يجب أن يمارس الطالب بشكل متكرر وعلى مدار الفصل الدراسي كتابة برامج يحل فيها مسائل متنوعة، وذلك بعد أن يشرح المدرسون مفاهيم وأساليب البرمجة وطرق استخدام بيئات تطوير البرمجيات الحديثة. والممارسة العملية تكون في مختبر مرافق للمادة أو بحل وظائف أسبوعية، على أن يقيّم الطالب بناءً على المهارات العملية التي اكتسبها في اختبارات لكتابة برامج صحيحة لحل مسائل جديدة. ولا يخفى أن هذا الأسلوب مكلف يستلزم توفير العديد من المدرسين ومساعدي التدريس ومختبرات حاسوب كافية للأعداد المتزايدة من الطلبة وذلك لإعداد المسائل البرمجية ولتقييم برامج الطلبة
حل هذا المعضلة ممكن الآن بالاستفادة من وسائل تقنية حديثة متوفرة، حيث يوجد وسائل آلية تستعملها مسابقات البرمجة العالمية لتقييم برامج المتسابقين في حل مسائل المسابقة. اعتمدنا في كلية الهندسة في الجامعة الأردنية استعمال هذه الوسائل في تعليم مهارات البرمجة الأساسية لأكثر من 1500 طالبًا في العام دون الحاجة إلى مساعدي تدريس كثر. حيث نعطي الطالب وظائف أسبوعية فيها مسائل متنوعة يحلها بكتابة برامج ويختبر صحة عملها ويرفعها على حاسوب خادم خاص لهذه الوسائل، ويقوم هذا الخادم بفحص برامج الطالب آليًا ويعطيه تقريرًا مفصلًا عنها ويرصد نتائج الطلبة آليًا أيضًا
يستطيع الطالب حل هذه الوظائف من الجامعة أو من بيته، ومع ذلك يهتم الطالب بحلها بنفسه وعدم نسخها من الآخرين لأن امتحان نصف الفصل والامتحان النهائي اللذين يحددين نجاح الطالب في المادة يستعملان نفس هذه الوسائل، ولا يمكن للطالب أن يجتاز المساق دون إظهار المهارات العملية الكافية في كتابة البرامج
علمًا أن هذا الأسلوب في التدريس يستبدل الجهد المبذول في التقييم الروتيني اليدوي لبرامج الطلبة بجهد فكري في تطوير وظائف ومسائل البرمجة وعمل حالات الاختبار وإعداد الفحوصات لتطبيقها آليًا على البرامج التي يرفعها الطلبة. وهذا الأسلوب معزز بكتب مقررة حديثة، وموقع إنترنت لنشر مادة المساق، وساعات مكتبية لمساعدة الطلبة، ومختبرات حاسوب مفتوحة للطلبة، ومجموعة فيسبوك للإعلان والنقاش
نعتقد أن هذا الأسلوب يعطي حلًا اقتصاديًا لإكساب أعدادًا كبيرةً من الطلبة خبرات البرمجة العملية وللنجاح في سوق العمل، ونأمل أن تستعمل الجامعات الأردنية الأخرى هذا الأسلوب لتعم الفائدة